حرب غزة 2014: الأطول والأعنف

 




في صيف عام 2014، شهد قطاع غزة حربًا دامية عُرفت باسم "العدوان الإسرائيلي على غزة 2014" أو "عملية الجرف الصامد" من الجانب الإسرائيلي و"العصف المأكول" من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية. استمرت هذه الحرب 51 يومًا، من 8 يوليو/تموز إلى 26 أغسطس/آب 2014، وأسفرت عن مقتل الآلاف وتدمير واسع النطاق في البنية التحتية للقطاع.

الخلفية والتصعيد: بدأت الأحداث بتصاعد التوترات بعد اختفاء ثلاثة شبان إسرائيليين في الضفة الغربية في يونيو/حزيران 2014، واتهمت إسرائيل حماس بالوقوف وراء ذلك. ردًا على ذلك، شنت إسرائيل حملة "شبح الأخ" في الضفة الغربية، اعتقلت خلالها مئات الفلسطينيين، بينهم نواب في المجلس التشريعي. في 8 يوليو/تموز، استهدفت إسرائيل منزل محمد العبادلة في بلدة القرارة جنوبي غزة، معلنة بدء عملية "الجرف الصامد". 

تفاصيل الحرب: ردت فصائل المقاومة الفلسطينية، بقيادة كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بإطلاق صواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية. استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مواقع مختلفة في غزة، بما في ذلك منازل، مدارس، مستشفيات، ومكاتب حكومية، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من السكان. في 17 يوليو/تموز، بدأت إسرائيل عملية برية بهدف تدمير أنفاق المقاومة، واستمرت العمليات البرية حتى 5 أغسطس/آب. 

الخسائر والآثار: وفقًا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، قُتل 2,251 فلسطينيًا خلال الحرب، بينهم 1,462 مدنيًا، منهم 551 طفلًا و299 امرأة. كما أصيب 11,231 فلسطينيًا، بينهم 3,540 امرأة و3,436 طفلًا. في الجانب الإسرائيلي، قُتل 66 جنديًا وخمسة مدنيين، بينهم طفل. 

أدى القصف إلى تدمير 18,000 وحدة سكنية، مما جعل 100,000 فلسطيني بلا مأوى. كما دُمرت البنية التحتية، بما في ذلك شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، مما زاد من معاناة السكان.

الاستجابة الدولية: حظيت الحرب باهتمام دولي واسع. دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى وقف فوري لإطلاق النار، وعُقدت عدة جولات من المفاوضات في القاهرة برعاية مصرية وأممية. في 26 أغسطس/آب، تم التوصل إلى هدنة دائمة أنهت العمليات العسكرية. 

النتائج والتداعيات: لم تُحقق الحرب أهدافها الإسرائيلية بالكامل، حيث استمرت فصائل المقاومة في إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية حتى اللحظات الأخيرة. من جانبها، اعتبرت الفصائل الفلسطينية الحرب انتصارًا، حيث تمكنت من الصمود في وجه العدوان وإطلاق صواريخها على العمق الإسرائيلي.

أثرت الحرب بشكل كبير على الاقتصاد الفلسطيني، حيث قدرت الخسائر الاقتصادية بحوالي 7.8 مليار دولار، ما يعادل ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لغزة في عام 2011. كما تسببت الحرب في تدمير العديد من المنشآت الصناعية والتجارية، مما زاد من معدلات البطالة والفقر.

الخاتمة: حرب غزة 2014 كانت واحدة من أكثر الصراعات دموية في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. أظهرت المقاومة الفلسطينية قدرة على الصمود والتكيف في مواجهة العدوان، لكنها خلفت وراءها دمارًا هائلًا ومعاناة إنسانية جسيمة. تستمر التحديات في غزة، مع ضرورة إيجاد حلول سياسية شاملة تنهي الصراع وتضمن حقوق الفلسطينيين.


Post a Comment

أحدث أقدم